ندى عيد
فتح معرض "بازل وورلد" Baselworld أبوابه في مدينة بازل التي اعتادت منذ عشرات السنين أن تستعدّ للحدث الأبرز على المستوى العالمي في قطاع صناعة الساعات. يجمع هذا المعرض تحت سقفه وبصالاته المتعدّدة، كلّ المهتمين والصنّاع والتجّار وكلّ مَنْ له علاقة بهذه الصناعة، الى جانب عدد كبير جدًا من الصحافيين من أصقاع الأرض كافّة. وهو في دورته الحاليّة التي تمتدّ من 19 الى 26 آذار/مارس 2015 لم يغيّر في جذبه للعاملين، إذ جمع هذه السنة 1500 صناعي وتاجر وما يزيد على الأربعة آلاف صحافي.
تختلف فعاليات هذه السنة عن سابقاتها، ليس من حيث الاهتمام أو استعداد المدينة السويسريّة للحدث الأبرز فيها، بل من حيث الأجواء المرافقة لإقامته، والأوضاع الاقتصاديّة التي خيّمت على الشركات السويسريّة بعد الاجراءات التي اتخذها المصرف المركزيّ السويسريّ، وأرخت بظلالها على قطاع صناعة الساعات، ما اضطّر بعض كبار الماركات فيه الى زيادة أسعارها، إضافة إلى تأثير البتاطوء في اقتصاديات الدول الآسيويّة الناشئة التي شكّلت سوقًا مهمًّا لهذه الصناعة.
لم تغب عن الدورة الحالية الأسماء الكبيرة أو العلامات الأيقونيّة التي أكسبته شهرته، كذلك صنّاع الساعات المختليفي الاتّجاهات وتّجار المجوهرات والأحجار الكريمة، وكلّ ما يمت الى هذه الصناعة الفارهة بصلة. الكلّ موجود في بازل، والكلّ يتحدّث عن تغيير في الاستراتيجيّات في العام المقبل، والى المزيد من عصر النفقات، وحصر المصاريف، حتّى أنّ كبريات الماركات والدور، لم تخفِ سعيها إلى طرح نماذج أقلّ كلفة وأقرب إلى القدرة الشرائيّة المتوسطة بعد أن كانت حكرًا على طبقة الميسورين بالمعايير العالميّة.
اتّجاهات السوق والموضة طغت عليها موجة الحداثة، فالساعات الذكيّة، المناقضة تمامًا لمفهوم الساعات الراقيّة ذات الحركات المعقدّة والمصنوعة من أفخر المواد الأوليّة من ذهب وياقوت وأحجار كريمة، إلى جانب المعيار المصنوع خصيصًا لهذه الدار أو تلك أو الموروث عن مؤسّس العلامة التجاريّة أو المُبتكر خصيصًا لها، كلّ هذه التفاصيل التي تنمّ عن الرفاهية والخصوصيّة بدأت تَبْهُتُ ملامحها أمام طغيان الساعات الذكيّة والإلكترونيّة وتطبيقاتها وألعابها... البعض يشبّه الساعات الذكيّة بأنها أشبه بلعبة تدهش لبعض الوقت وسرعان ما تفقد رونقها. أما الساعات الفاخرة فهي قطع من الإبداع لا يقوى عليها الزمن، بل يفتخر صاحبها بتوريثها لأبنائه،¬¬¬ إضافة الى كونها استثمارًا لا يقارن.
سنة من التحدّيات الجديّة تواجه هذه الصناعة السويسريّة التي عرفت لعقود من الزمن، الاستقرار والنموّ بثبات وباضطراد، وها هي اليوم تواجه تغييرات جذريّة في السوق وصعوبات اقتصاديّة لا شكّ أنها قادرة على الخروج منها، وجديرة بأن تتأقلم معها، وإذا كانت سويسرا قد صدّرت في العام الماضي حوالى 28 مليون ساعة، فإن الصين وحدها يفوق عدد سكانها المليار نسمة، أي أنها تحتاج الى المزيد من الملايين من هذه الساعات المرغوبة والمرادفة للجودة ولنمط الحياة الأوروبيّة الراقيّة.